Saturday, November 04, 2006

الفرق بين حزب الإصلاح .. وأطياف المعارضة السورية


بقلم: أروى وليد *
أخبار الشرق - 22 أيار 2004

برز حزب الإصلاح في الآونة الأخيرة كحزب سياسي معارض للنظام السوري ومستقل تختلف توجهاته وطريقة تعامله مع الأحداث الراهنة مع طريقة أطياف المعارضة الأخرى. والخلاف الجوهري الأكبر بينه وبين الأطياف الأخرى، هو تشجيعه لفكرة الاستعانة بالقوى الكبرى، كأوروبا وأمريكا على وجه التحديد، للتغلب على النظام البعثي السوري.. ولمحاولة تفسير أو تحليل هذا الاختلاف بطريقة حيادية بعيدة كل البعد عن الأحكام المسبقة؛ يمكن أن نتذكر الآتي:كما هو معروف؛ فمعظم المنتمين لهذا الحزب من الذين عاشوا فترة طويلة في أوروبا وأمريكا، والاحتمال القائل إنهم تأثروا بالأيديولوجية الرأسمالية أوروبية الأمريكية وارد جداً، فالشريحة الكبرى من المنتمين لهذا الحزب من رجال الأعمال الذين تربوا في أحضان الحلم الأمريكي وأن أمريكا هي أرض الفرص. وبإلقاء نظرة على الطريقة التي يدير بها الأمريكيون والأوروبيون مصالحهم .. (نجد أنها) قائمة على المصلحة أو المنفعة المتبادلة، وأنه لا مانع من التحالف
مع كائن من كان في سبيل تحقيق الأهداف وحماية المصالح حتى لو كان هذا الحليف هو الشيطان بنفسه! ..

مبدأ آخر من مبادئ النجاح في ارض الفرص، هو أن "الغاية تبرر الوسيلة"، وهو مبدأ غني عن الإيضاح والتفسير لأنه يفسر نفسه، وهو مبدأ قد يكون المنتسبون لهذا الحزب قد آمنوا به قولاً وعملاً .. (وهذا ما يؤكده) اعتماد الحزب الواضح على قوة أمريكا المتمثل في الجملة التي وردت كما هي في موقعهم الإلكتروني: "يتمتّع حزب الإصلاح السوري بالدعم الضمني من قبل العديد من المنظمات ورجال السياسة في الإدارة الأمريكية هيئات المختصين في واشنطن. والآن تربط قيادة حزب الإصلاح عموماً ورئيسه فريد الغادري خصوصاً علاقات وثيقة بالكونغرس الأمريكي، ويحظى بدعم معنوي كبير، ناهيك عن وسائل الإعلام الأمريكية التي أشادت بفكر الحزب الديمقراطي وسمعة قيادته وجدارتهم".عدم إنكار الحزب لتعاونه الوثيق مع أمريكا يوضح لنا أن المرجعية الفكرية التي يرتكز عليها هذا الحزب مختلفة تمام الاختلاف عن المرجعية الفكرية لأطياف المعارضة الأخرى، والتي تؤمن أنه إذا لم تكن الوسيلة صالحة من أصولها فإنها قد تعرقل الطريق إلى الغاية، وحتى إذا بلغت الغاية ففساد الوسيلة قد يدمر الغاية تدميراً .. وبالتالي فهي ترفض أي تدخل أمريكي لتغيير الأوضاع في سورية، وترى أن الحرية لا تمنح على طبق من ذهب من قبل أمريكا وغيرها، وإنما بجهود أبناء سورية الذين يريدون الخير لوطنهم.

لسنا هنا بصدد التشكيك في وطنية الحزب واتهامه بالخيانة والعمالة، كما برز على ألسنة الكثير من المواطنين السوريين في الداخل وفي المهجر. فأهداف الحزب في معظمها أهداف نبيلة - كما تبدو - كالإصلاحات الاقتصادية والتعددية السياسية. لكن تظل نقطة الاختلاف الأكبر هي التعلق "غير العادي" بأمريكا واستغلالهم للحرب المزعومة على "الإرهاب" لتشجيع أمريكا على التدخل السياسي أو العسكري للتغيير، والذي يبدو واضحاً في اختلاف الرسائل الموجهة (عبر) موقعيهم، العربي والإنكليزي. ففي الموقع العربي، والذي هو موجه إلى الشارع العربي بالتحديد، تركز رسالة الحزب على الإصلاح السياسي والاقتصادي، وإظهار عيوب حزب البعث من قمع الحريات وحقوق الإنسان، بينما يرى الزائر لموقع حزب الإصلاح الإنكليزي ملفين كاملين كبيرين عن "سورية والإرهاب" و"سورية وأسلحة الدمار الشامل" (..) لم يرد ذكرهما من قريب ولا من بعيد في الموقع العربي. وبالتالي يتضح لنا أن حزب الإصلاح يعرف تماماً من هو الجمهور المخاطب في موقعه الإنكليزي، وهو القادة والساسة الأمريكيون على وجه الخصوص. ولا أجد وصفاً لهذا التناقض سوى أنه "اصطياد في الماء العكر"، الماء العكر الآسن المسمى الحرب العالمية على "الإرهاب"
والذي غرقت فيه دولتان هما العراق وأفغانستان.

الفرق بين حزب الإصلاح وأطياف المعارضة الأخرى، هو أن الأخيرة لا تريد لسورية أن تنضم إلى قائمة الدول التي غرقت في هذه المستنقع .. لأنها إذا غرقت فستغرق الجميع معها عندما لا ينفع الندم
_________
* كاتبة سورية مغتربة

No comments: