Tuesday, June 10, 2008

سنوات الضياع ....مجرد رأي


هممت برفع يدي لبدء صلاة المغرب في مصلى المركز التجاري ..و ما كدت أرفع يدي للبدء بالصلاة سمعت موسيقى مسلسل سنوات الضياع ترن في أرجاء المكان ...هذا المسلسل الذي اقتحم حياة شريحة واسعة من المجتمعات العربية و المسلمة حتى في أكثر اللحظات روحانية ..و لم يستغرق الأمر سوى اكمال جولتي في المركز لأدرك عدد نساء اللاتي اتخذ من موسيقى المسلسل نغمة للموبايل و مدى شعبية هذا المسلسل الطاغية...

لا أنكر أنني من متابعي الدراما العربية التي تعكس الواقع بصدق ..خاصة المسلسلات السورية التي برعت في هذا المجال مثل مسلسل "الانتظار" الذي رصد حالة الناس في أحزمة الفقر المنتشرة في سوريا..و لكن توسع الأمر ليشمل الدراما التركية الجديدة في المنافسة.. لست محللة اجتماعية و لكني سأقول رأيي من وجهة نظري كمشاهدة

المسلسل كشف عن مدى روعة طبيعة تركيا الخلابة ...فالمناظر الطبيعية التي ظهرت في المسلسل مؤثرة أضعاف أي إعلان قد تفكر في صناعته وزارة السياحة التركية..فتركيا بلد رائع و غني حضاريا و جماليا ...و يكفي أنه شهد عصر الخلافة العثمانية ....

لفت المسلسل لحقيقة أن تركيا بلد يشهد تطورا ملحوظا على مستوى الصناعة ..خاصة في مجال صناعة الملبوسات ..فعائلة أبو شعر من مسلسل سنوات الضياع و "شاد أوغلو" من مسلسل نور تديران شركات لصناعة الملبوسات و الأزياء>>و صناعة الملبوسات من الصناعات العريقة في تركيا التي تمتد إلى أيام الخلافة العثمانية في القرنين السادس عشر و السابع عشر ..و شهدت الصناعة تطورا ملحوظا في القرن العشرين
لترتفع إيرادات الصناعة من مائة و اثنين و أربعين مليون دولار في التسعينات إلى ست بلايين دولار في نهاية عام 2006نصفها تقريبا يصدر إلى الاتحاد الأوروبي ..مما يعكس جدية تركيا لطلبها الانضمام للاتحاد الأوروبي
في تقرير تجدونه هنا
كشف المسلسل أن تركيا كغيرها من دول العالم تعاني من الفارق الكبير بين الطبقات الثرية ثراءا فاحشا و الطبقات الفقيرة جدا التي غالبا ما تكون في أطراف المدن و القرى..و هذا لا ينفي وجود طبقة متوسطة لا تنتمي إلى هؤلاء و لا إلى هؤلاء
و لكن تركيا التي تظهر في المسلسل لا تظهر الجانب المتدين من تركيا ..لا تظهر الشريحة التي تطبق الإسلام قولا و عملا ..و لا تظهر المحجبات إلا في المحيطات الفقيرة و بين أحياء الوحل و الفقر ..و يكاد لا يتذكر المشاهدون ان الأبطال مسلمون إلا في مشاهد الموت و الجنائز و عندما ترتدي لميس و أمها الشال أو غطاء الرأس أثناء الجنازة...المسلسل يظهر ببراعة تركيا العلمانية ..التي يبقى الدين فيها حبيس المساجد و ينسحب من حياة الناس بإرادتهم ..فلا يحكم علاقاتهم الاجتماعية في صورة أشبه بالمجتمعات الغربية المنحلة منها إلى المجتمعات المسلمة..صورة تتنافى تماما مع صورة اردوغان و جول و هما رأس هرم الدولة عندما يظهران مع زوجاتهم بالحجاب الكامل ...صور مختلطة ...فنشرة الأخبار تنقل واقع و الدراما تنقل واقعا مختلفا تماما ..
الحجاب هنا يضحي رمزا للصراع بين التيارين و الدراما قد تكون أحد ساحات هذا الصراع...
و لكن أرجع و أقول لنفسي ...سقف التوقعات يجب ألا يرتفع كثيرا ...فالصراع في تركيا بين العلمانية و الدين ما زال جاريا ...و لم يحسم بعد و لا أعتقد أنه سيحسم في يوم من الأيام ..
أروى




3 comments:

Anonymous said...

طيب، نفس الكلام ممكن يسهولة جداً تطبيقه على المسلسلات المصرية و الكويتية، هل أشرنا إليهما على أنهما دولتان علمانيتان

نحن فقط نركز على تركيا و على هذين المسلسلين بالذات لأننا ننظر دوماً إلى تركيا بريبة و شك فقط لأنها تريد أن تحسن من وضعها و تكتسب أحلافاً من الإتحاد الأوروبي و بالتالي دول شمال الباسيفيك، و لأنهما ظهرا معاً فجأة،و لأن مشكلة علمانية تركيا تسبب لنا عقدة ف الزور منذ فترة طويلة كونها كانت رمز آخر الخلافات الإسلامية

عندما نتحدث عن نقطة إظهار أن التدين يكون ف المناطق و الأحياء الفقيرة فقط، أخبريني أي مسلسل مصري لا يظهر ذلك أو سوري حتى، حتى إذا كنت متابعة للأفلام الأمريكية بالأخص ستجديني أن حتى تدينهم يظهر ف المناطق الفقيرة ك تكساس و لابوك و كولورادو

إذن ف التيار العلماني لا ينشأ من المسلسلات و إنما هي صفة غالبة لأن كتاب الروايات و السيناريوهات و الوسط الفني عموماً هم من هذه الطبقة ذات التفكير العلماني

عمر عاصي said...

العلمانية هي التي سحبتها لكل لهذا الفساد الإعلامي ..

أروى وليد said...

أخي محمد ..

المسلسلات السورية بدأت تظهر الحجاب بشكل ملحوظ في الآونة الأخيرة و النظام السوري من أعتى الأنظمة في تعامله مع التيار الديني

أما المسلسلات المصرية فهي أيضا بدأت تظهر المحجبات بخطوات خجولة و ظهرت ممثلات بحجاب كامل مثل حنان ترك و صابرين و لكنهن حوربن من قبل النظام المصري بمنع عرض مسلسلاتهن على الشاشات المصرية الرسمية

أنا لم أقل أن التيار العلماني ينشأ من المسلسلات و لكن الدراما هي وجه من أوجهها ..و أتمنى لو أنشأ حزب العدالة و التنمية فرعا للعناية بالأعمال الدرامية الفنية التي لا تتنافى مع روح الإسلام و لكن ليست ذات صبغة إسلامية بالضرورة

أخي أحمد

العلمانية المتشددة تدخلت في عمق الحياة الفردية للأشخاص في تركيا و منعتهم من ممارسة دينهم بحرية كاملة و هي من أسباب الفساد و لكنها ليست أصل الفساد ..فالفساد له أسباب متعددة و جوانب متشعبة قد لا يتسع المجال لذكرها هنا

تحياتي لكما و أشكركما على المرور و إبداء الرأي